الجمعة، مارس 12، 2010

علمتنى الحياة


قصيدة علمتنى الحياة للشاعر المصرى الراحل محمد مصطفى حمام
هى خلاصة تجاربه فى الحياه وأرجو ان يجد الجميع فيها ما ينفعه

علمتنى الحياة

علمتنى الحياه أن حياتى انما كانت امتحانا طويلا
قد أري بعده نعيما مقيما أو أرى بعده عذابا وبيلا
عل خوفى من العذاب كفيل لى بالصفح يوم ارجو الكفيلا
عل خوفى يردنى عن امور خبثت غاية وساءت سبيلا
وعد الله من ينيب ويخشى بأسه رحمه وصفحا جميلا
وبحسبى وعد من الله حق انه كان وعده مفعولا
*****
علمتنى الحياه أن أتلقى كل الوانها رضا وقبولا
ورأيت الرضا يخفف أثقالى ويلقى على المآسى سدولا
والذى ألهم الرضا لا تراه أبد الدهر حاسدا أو عذولا
أنا راض بكل ما كتب الله ومزج اليه حمدا جزيلا
انا راض بكل صنف من الناس لئيما ألفيته أو نبيلا
فسح الله فى فؤادى فلا ارضى من الحب والوداد بديلا
فى فؤادى لكل ضيف مكان فكن الضيف مؤنسا أو ثقيلا
والرضا نعمه من الله لم يسعد بها فى العباد الا القليلا
والرضا آية البراءة والايمان بالله ناصرا ووكيلا
كنت فيما مضى اضج واشكو وأطيع الغلو والتهويلا
فتبينت اننى كنت فضاحا لسرى وما كسبت فتيلا
ورأيت الشكاة تشفى غليلا لعدوى وما شفت لى غليلا
قدر الله لم تغيره شكواى ولم تستطع له تحويلا
******
علمتنى الحياه ان لها لفحا وظلا كما نحب ظليلا
فتعودت حالتيها قريرا وألفت التغيير والتبديلا
أيها الناس كلنا شارب الكأسين مرا وسائغا سلسبيلا
********
نحن كالروض نضرة وذبولا نحن كالنجم مطلعا وأفولا
نحن كالريح ثورة وسكونا نحن كالمزن ممسكا وهطولا
نحن كالظن صادقا وكذوبا نحن كالحظ منصفا وخذولا
****
قد تسرى الحياة عنى فتبدى سخريات الورى قبيلا قبيلا
فأراها مواعظا ودروسا ويراها سواى خطبا جليلا
أمعن الناس فى مخادعة النفس وضلوا بصائرا وعقولا
عبدوا الجاه والنضار وعينا من عيون المها وخدا أثيلا
آثروا السيف عسجدا لامع المتن وان كان نابيا مفلولا
وأبوا حمله حديدا وردوه وان كان صارما مصقولا
كرهوا العيش جوهرا ولبابا وأحبوه مظهرا وشكولا
الاديب الضعيف جاها ومالا ليس الا مثرثرا مخبولا
والعتل القوى جاها ومالا هو اهدى هدى وأقوم قيلا
واذا غادة تجلت عليهم خشعوا أو تبتلوا تبتيلا
وتلوا سورة الهيام وغنوها وعافوا القرآن والانجيلا
لا يريدون آجلا من ثواب الله ان الانسان كان عجولا
فتنة عمت المدينة والقرية لم تعف غتية او كهولا
واذا ما انبريت للوعظ قالوا لست ربا ولا بعثت رسولا
أرأيت الذى يكذب بالدين ولا يرهب الحساب الثقيلا !
أكثر الناس يحكمون على الناس وهيهات ان يكونوا عدولا
فلكم لقبوا البخيل كريما ولكم لقبوا الكريم بخيلا
ولكم أعطوا الملح فأغنوا ولكم أهملوا العفيف الخجولا
فلسف البخل بعضهم وعزا الرأى الى حكمة القرون الاولى
قال ان فاز حسدى بعد موتى بالنضار الذى كنزت طويلا
كان خيرا من افتقارى اليهم فى حياتى وكان ربحا جزيلا
قلت عش ايها الغنى فقيرا وكل الفلسفات والتأويلا!!
**
ان تنل من محاكم الناس عدلا فلانت الذى أتى المستحيلا
رب عذراء حرة وصموها وبغى قد صوروها بتولا
وقطيع اليدين ظلما, ولص أشبع الناس كفه تقبيلا
وطليق صبوا عليه نكالا وسجين مدلل تدليلا
**
كل من قلد الفرنجة منا قد أساء التقليد والتمثيلا
فأخذنا الخبيث منهم ولم نقبس من الطيبات حتى القليلا
يوم سن الفرنج كذبة ابريل غدا كل عمرنا ابريلا
نشروا الرجس مجملا فنشرناه كتابا مفصلا تفصيلا !
**
علمتنى الحياة ان الهوى سيل فمن ذا الذى يرد السيولا
ثم قالت : والخير فى الكون باق بل أرى الخير فيه اصلا اصيلا
ان تر الشر مستفيضا فهون لا يحب الله اليئوس الملولا
وتظل الحياة تعرض لونيها على الناس بكرة وأصيلا
فذليل بالامس صار عزيزا وعزيز بالامس صار عزيزا
ولكم ينهض العليل سليما ولكم يسقط السليم عليلا
رب جوعان يشتهى فسحة العمر وشبعان يستحث الرحيلا
وتظل الارحام تدفع قابيلا ليردى ببغيه هابيلا
ونشيد السلام يتلوه سفاحون سنوا الخراب والتقتيلا
وحقوق الانسان لوحة رسام أجاد التزوير والتضليلا
صور ما سرحت بالعين فيها و بفكرى الا خشيت الذهولا
**
قال صحبى : نراك تشكو جروحا أين لحن الرضا رخيما جميلا
قلت اما جروح نفسى فقد عودتها بلسم الرضا لتزولا
غير أن السكوت عن جرح قومى ليس الا التعامى المرذولا
كيف أرضى لامة أنبتتنى خلقا شائها وعزما كليلا ؟
كيف أرضى تحاسدا وشقاقا
أنا من خير أمة أخرجت للناس سقيا وأفرعا وأصولا
أمة العلم والنبوة و القرآن والمجد عبقريا أثيلا
أنا أبغى لها السعادة و العز وسيفا على العدا مسلولا
وهى ان أخلدت الى خلق القرآن نالت مرادها المأمولا
**
علمتنى الحياة انى ان عشت لنفسى أعش حقيرا هزيلا
علمتنى الحياة انى مهما أتعلم فلا أزال جهولا

ليست هناك تعليقات: